الجمعة، 24 يونيو 2016

ضبط عنوان الكتاب 4

بسم الله الرحمن الرحيم

                     ــ 4 ـــ

ضبط عنوان الكتاب

🔴 من كتب العقائد والفِرق:

🔹🔸31ـ "الفصل في الملل والآراء والنِّحَل" لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري (456هـ):

كذا جاء العنوان في خاتمة المجلد الثاني من نسخة (رئيس الكُتاب) باستنبول، وهي نسخة مقابلة على فرع عن فرع آخر عن نسخة المؤلف.

إلا أن الناسخ لم يضبط كلمة "الفصل" بالشكل.

🔺وقد اختُلِف في ضبطها على قولين:

أ- "الفَصْل" بفتح الفاء وسكون القاف:
ويُؤيد هذا الضبط: مجيء هذا العنوان عند جمعٍ من العلماء على مختلف العصور هكذا:"الفَصْل بين أهل الآراء والنِّحَل".
انظر: الذخيرة لابن بسام (1/ 170)، و إرشاد الأريب لياقوت (4/ 1657)، ونفح الطيب (2/ 79)،و كشف الظنون (2/ 1821)

وفي البلغة للفيروزأبادي (ص40): "الفصل بين النحل والملل".

وكذلك ضبطه - ضبط قلم - العلامة المحقق محمد بن تاويت الطنجي في تحقيقه لكتاب جذوة المقتبس للحميدي (ص291).

ب ـ "الفِصَل" – بكسر الفاء وفتح الصاد ـ كذا ضبطها محققا الكتاب في مقدمة المجلد الثاني منه.

وهو جمع مُشِكِلٌ من حيث اللغة: فإن كان جمع فَصْل، فالأصل في جمع فَصْل فُصُول، ومجيؤه على فِعَل شاذ، كـ"قَشْع" و"قِشَع" - والقَشع: الجلد البالي. قال الشاعر:
          إذا القَشْعُ من بردِ الشتاءُ تقعقعا
انظر المساعد على تسهيل الفوائد (3/424)، ومنتهى الطلب من أشعار العرب (ص: 284)، وتاج العروس (22/ 13)

وقيل: فِصَل جمع فَصْلة، كقَصْعة وقِصَع، والفَصلة في اللغة: فسيلة النخل إذا نُقِلتْ. تاج العروس (30/ 165)

والأرجح الضبط الأول، للتتابع أهل العلم عليه، والله تعالى أعلم.

🔴 ومن كتب الفقه وأصوله:

🔸🔹 32- "مختصر القُدُوري" في الفقه الحنفي:

والقُدُوري: نسبة إلى مؤلِّفه: الفقيه أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان القُدُوري البغدادي، الحنفي (428 هـ).

قال السمعاني: القُدُوري - بضم القاف والدال المهملة والراء بعد الواو - هذه النسبة إلى القٌدُور. الأنساب (4/ 460)

ويقرؤه بعض الطلبة القَدوري بفتح القاف وهو خطأ.

🔸🔹 33ـ ـ "المنظومة الرحْبيَّة" في الفرائض لأبي عبدالله محمد بن علي الرحْبي (577هـ):

الرحْبية ـ بسكون الحاء ـ نسبة إلى ناظمها الرحْبي المنسوب إلى رحْبة مالك بن طوق ومات بها، والنسبة إليها: الرَّحْبي، قال السمعاني: بفتح الراء وسكون الحاء المهملتين.الأنساب (3/ 48)

ويكثر أن ينطقها الطلاب بفتح الحاء وهو غير صواب.

وانظر: طبقات الشافعية الكبرى (6/ 156)، والأعلام للزركلي (6/ 279)

🔹🔸 34ـ "جِمَاع العلم" للإمام الشافعي:
يقرؤه بعضهم جُمَّاع ـ بضم الجيم وتشديد الميم ـ ولا أعلم مستنده.

🔺والصحيح أنه: جِماع العلم - بكسر الجيم وميم مخففة -.

قال الزبيدي: جِماع الشيء – بالكسر -: جَمْعه، يقال: جِماع الخِباء الأخبية، أي جَمعها، لأن الجِماع: ما جَمَع عددا. يقال: الخمر جماع الإثم كما في الصحاح، أي مَجْمَعه ومَظِنته.  تاج العروس (20 / 461)

ومنه قول الحسن بن هانئ في رثاء خلف الرَّاوية:

أودى جِماع العلمِ مذ أودى خلف
ْ                من لا يَعُدَّ العلمَ إلا ما عَرَفْ

كنا متى ما ندنُ منه نغتـــرِفْ
               رواية لا تُجتنى من الصًّحُفْ
طبقات الشعراء لابن المعتز (1 / 148)

🔹🔸 35ـ "أعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (ت751هـ) رحمه الله:

سبق أن كتبت فيه مقال مفردا، وهذا ملخصه:
كان بعض طلبة العلم يقرأ اسم هذا الكتاب "إعلام" بكسر الهمزة.
والأرجح أنه بفتحها "أعلام".
🔺وذلك أن الأعلام جمع عَلَم - بفتح العين واللام -.
قال ابن فارس: العَلَم كل شيء يكون مَعْلما خلاف المجهل. المقاييس (4/ 110)
وقال ابن دريد: عَلَم الطريق هو كل ما نُصب على الطرق ليُهتدى به من الحجارة وغيرها . الجمهرة (2/ 948)

 🌱فيؤخذ مما تقدم: أن العلم -بفتح العين واللام - بمعنى "مَعْلم" - بفتح الميم وسكون العين-: وهو ما يُنصب من علامات يهتدي بها السالكون.

فعلى ذلك يعني ابن القيم رحمه الله بعنوان كتابه "أعلام الموقعين" أي: المعالم والأصول التي يراعيها المفتون، ونبه عليها العلماء الراسخون، وتلزم معرفتها لضبط الفتوى وسائر مسائل الفقه والاجتهاد.

وهؤلاء المفتون من العلماء الراسخين هم الموقِّعون عن الله عز وجل، أي المخبرون عن أحكام شرعه، لاعتمادهم في ذلك على الوحيين الكتاب والسنة.

📙 ويكفي للدلالة لصحة الضبط اﻵنف تقريره تسمية المصنف لكتابه "أعلام الموقعين" بـ:المعالم" لكونهما بمعنى واحد. انظر: إغاثة اللهفان (1/ 22) والفوائد ص22، والتبيان في أقسام القرآن ص234.

📗 وقد صدرت الطبعة الجديدة من كتاب "الأعلام" عن دار عالم الفوائد، وقد رجَّح محققوها هذا الضبط، وحَسَنًا صنعوا، خصوصا مع إثباتهم لمجيئه مقيدا في بعض مخطوطات الكتاب القديمة .. فجزاهم الله خيرا، وبارك في جهودهم.

🔸🔹 36ـ "المُسَوَّدة" لآل تيميَّة في أصول الفقه:

المُسَوَّدة – بضم الميم وفتح السين وتشديد الواو المفتوحة ـ: اسم مفعول مؤنث، وصفٌ لنسخة الكتاب.

📌 فائدة: نسخة الكتاب تمر بمرحلتين رئيستين:
الأولى: المُسَوَّدة.
الثانية: المبَيَّضة.

أما المُسَوَّدة: فهي النسخة الأولى للكتاب قبل تنقيحه وتحريره.
وسُميت مُسوَّدة لكثرة الشطب والإلحاق فيها مما يجعل الورقة كثيرة السواد.

وأما المبيَّضة: فهي مأخوذة من تبييض النسخة أي: كتابتها على وجه الضبط والتحرير من غير شطب. انظر: غمز عيون البصائر للحموي (1/ 31)

🔹🔸 37ـ "مُسَلَّم الثُبُوت" لمحب الله بن عبدالشكور البهاري الهندي (ت1119هـ):

"مُسَلَّم" بضم الميم وفتح السين وتشديد اللام المفتوحة: اسم مفعول من سلَّم يُسلِّم، يقال: هذا أمر مسلَّمٌ به أي لا اعتراض على صحته أو حُجيته.

🔴 من كتب علوم الحديث:

🔹🔸 38ـ"الوَشْي المُعْلَم في ذكر من روى عن أبيه عن جده النبي صلى الله عليه وسلَّم" للحافظ العلائي رحمه الله.

الوَشْيُ - بفتح الواو وسكون الشين المعجمة -: نَقْشُ الثَّوْبِ. القاموس المحيط (ص1730)

و المُعْلَم: وجدته في نسخة مكتبة (فيض الله) من "شر ح ألفية العراقي" المقروءة على البرهان الحلبي وعليها خطه وإجازته (ق121/ب): "المُعْلَم" بضم الميم وسكون العين وفتح اللام، ولم يضبطه الحافظ العراقي في نسخته التي بخطه.

وتقدم الكلام على هذه الكلمة ومعناها عند ضبط "تذكرة الطالب المُعلم".

📙 وكتاب "الوشي المُعْلَم" في عداد المفقود – حسب علمي - وإنما يوجد قطعة من مختصره للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى سماه: "عَلَم الوشي".

🔴 من كتب الأدب واللغة:

🔹🔸39ـ "البيان والتَّبَيُّن" لعمرو بن بحر المعروف بالجاحظ (ت255هـ):

كان قد حقق هذا الكتاب العلامة عبدالسلام هارون رحمه الله ونشره باسم: "البيان والتبيين" بيائين، ثم وقف على نسخة أخرى للكتاب، وبلغه تحقيق أستاذنا د. الشاهد البوشيخي لعنوان الكتاب ودراسته، فتراجع وبيَّن أن العنوان الصحيح هو: "البيان والتبيُّن".

قال الشيخ عبدالسلام هارون: كان المعروف المتداول في اسم الكتاب هو " البيان والتبيين " - بياءين - وهذه التسمية لا تتمشى مع المنطق، فإنّ البيان هو التبيين بعينه.
والدارس لهذا الكتاب يرى أنه ذو شقين متداخلين:
🔺الشق الأول: هو ما اختاره الجاحظ من النصوص والأخبار والأحاديث والخطب والوصايا، وكلام الأعراب والزهّاد ونحو ذلك، وهو يعنيه الجاحظ بكلمة "البيان".
🔺والشق الثاني: هو النقد الأدبي في صورته المبكرة، فللجاحظ في هذا الكتاب نظرات فاحصة في نصوصه، وفي الكلام بصفة عامة، تسمى بعد ذلك بفن "النقد"، فهذه النظرات والقواعد التي ساقها الجاحظ هو ما عناه بكلمة "التبيُّن".
ثم إنّ النسخ العتيقة من هذا الكتاب تقطع بأنّ عنوانه هو "البيان والتبين".
قال الشيخ: وسأُعيد هذه التسمية الصحيحة إلى نصابها في الطبعة الخامسة إن شاء الله تعالى. انظر: كتاب قطوف أدبية (ص 97 – 98 بتصرف واختصار)

🌿 ومن أرادة التوسع فليعد إلى كتاب أستاذنا د. الشاهد البوشيخي "مصطلحات نقدية في كتاب البيان والتبيُّن" في فصل (قضية عنوان البيان) من (ص 27-46)
فقد كفى وشفى جزاه الله خيرا وبارك في عمره وعلمه.

🔹🔸 40ـ "الصحاح" للجوهري:
   الخلاف في ضبط اسمه هذا الكتاب – قديم مشهور، وقد بحثه محققه الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار – رحمه الله - في مقدمة تحقيقه له، وملخص بحثه، أن في ضبطه وجهين:

🔺الأول: "الصِّحاح" بكسر الصاد، قال الخطيب التبريزي: يُقال بكسر الصاد وهو المشهور وهو جمع صحيح كظريف وظِراف.

🔺الثاني: "الصَّحاح": قال التبريزي: يُقال بالفتح، نعتٌ مفردٌ، مثل صحيح، وقد جاء فَعال - بفتح الفاء - لغةً في فَعيل، كصحيح وصَحاح، وشحيح وشَحاح، وبريء وبَراء.

📌والراجح كما قال ابن الطيب الفاسي رحمه الله: حيثُ لم يرِد عن المؤلف في في تخصيص أحدهما بالسند الصحيح ما يُصار إليه ولا يُعدا عنه، فكلا الضبطين صحيح، خلافا لمن أنكر الفتح، ولمن رجحه على الكسر، والمشهور الكسر وندر أن ينطق أحد في زماننا بالفتح. انظر: المزهر للسيوطي (1/75)، ومقدمة تحقيق الصِّحاح (ص111)

والله تعالى أعلم.
وللحديث بقية إن شاء الله.
📝 كتبه: عبدالباري بن حماد الأنصاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق